آيات الاعتبار البادية لأولي الأبصار، لأن الخلق كله إنما هو عَلَم للاعتبار منه، لا أنه موجود للاقتناع به {ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن ءاياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون}[يونس: ٧-٨] اتخذوا ما خلق للعبرة به إلى ربه كسباً لأنفسهم حتى صار عندهم وعند أتباعهم آيتهم، لا آية خالقه {أتبنون بكل ريع ءاية تعبثون}[الشعراء: ١٢٨] ، {والله خلقكم وما تعملون} ثم يلي آيات الاعتبار ما ينال إدراك آيته العقل الأدنى ببداهة نظره {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون}[النحل: ١٢] جمع الآيات لتعدد وجوهها في مقصد البيان، ثم يلي ما يدرك ببداهة العقل ما يحتاج إلى فكر يثيره العقل الأدنى لشغل الحواس بمنفعته عن التفكر في وجه آيته
{هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون}[النحل: ١٠] أفرد الآية لاستناد كثرته إلى وحدة الماء ابتداء ووحدة الانتفاع انتهاء؛ ثم يلي ما يدرك بفكر العقل الأدنى ما يقبل