{هل يستوون} أي هذان الفريقان الممثل بهما، لأن المراد الجنس، فإذا كان لا يسوغ في عقل أن يسوي بين مخلوقين: أحدهما حر مقتدر والآخر مملوك عاجز، فكيف يسوي بين حجر موات أو غيره وبين الله الذي له القدرة التامة على كل شيء؟
ولما كان الجواب قطعاً: لا، وعلم أن الفاضل ما كان مثالاً له سبحانه، على أن من سوى بينهما أو فعل ما يؤول إلى التسوية أجهل الجهلة.
فثبت مضمون {إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون} وأن غيره تعالى لا يساوي شيئاً، فثبت بلا ريب أنه المختص بالمثل الأعلى، فعبر عن ذلك بقوله تعالى:{الحمد لله} أي له الإحاطة بالعلم وجميع صفات الكمال التي منها اختصاصه بالشكر، لكونه هو المنعم وليس لغيره إحاطة بشيء من ذلك ولا غيره، فكأنهم قالوا: نحن نعلم ذلك، فقيل:{بل أكثرهم} أي في الظاهر والباطن - بما أشار إليه الإضمار {لا يعلمون *} لكونهم يسوون به غيره، ومن نفى عنه العلم - الذي هو أعلى صفات الكمال - كان في عداد الأنعام، فهم لذلك يشبهون به ما ذكر، ويضربون الأمثال الباطلة، ويضيفون نعمه إلى ما لا يعد، ولعله أتى بضمير الغيبة لقصر ذلك على من ختم بموته على الضلال، أو يقال وهو أرشق: لما كان الجواب قطعاً: لا يستووت والفاضل مثالك، فقد علم كل ذي لب أن لك المثل الأعلى، فترجم عن وصفه