ولما تقررت هذه الجمل التي جمعت - بجمعها للمأمورات والمنهيات ما تضيق عنه الدفاتر والصدور، وشهد لها المعاندون من بلغاء العرب أنها بلغت قاموس البحر وتعالت عن طوق البشر، عطف على ما أفهمه السياق - من نحو: فتذكروا أو فالزموا ما أمرتم به ونابذوا ما نهيتم عنه - بعض ما أجملته، وبدأ بما هو مع جمعه أهم وهو الوفاء بالعهد الذي يفهم منه العلماء بالله ما دل عليه العقل من الحجج القاطعة بالتوحيد وصدق الرسل ووجوب اتباعهم، فكانت أعظم العهود، ويفهم منه غيرهم ما يتعارفونه مما يجري بينهم من المواثيق، فإذا ساروا فيها بما أمر سبحانه وتحروا رضاه علماً منهم بأنه العدل، قادهم ذلك إلى رتبة الأولين فقال تعالى:{وأوفوا} أي أوقعوا الوفاء الذي لا وفاء في الحقيقة غيره {بعهد الله} أي الملك الأعلى الذي عاهدكم عليه بأدلة العقل والنقل من التوحيد وغيره من أصول الدين وفروعه
{الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق}[الرعد: ٢٠]{وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه}[البقرة: ٢٧]{إذا عاهدتم} بتقبلكم له بإذعانكم لأمثاله من الأدلة فيما عرف من عوائدكم، وصرحتم به