{يوم تأتي} أي فيه {كل نفس} أي إنسان وإن عظم جرمها {تجادل} أي تعتذر، وعبر بالمجادلة إفهاماً للذفع بأقصى ما تقدر عليه، وأظهر في قوله:{عن نفسها} أي ذاتها بمفردها لا يهمها غير ذلك لما يوهم الإضمار من أن كل أحد يجادل عن جميع الأنفس. ولما كان مطلق الجزاء مخوفاً مقلقاً، بني للمفعول قوله:{وتوفَّى كل نفس} صالحة وغير صالحة {ما عملت} أي جزاء من جنسه {وهم} ولما كان المرهوب مطلق الظلم، وكان البناء للمفعول أبلغ جزاء في نفيه قال تعالى:{لا يظلمون *} أي لا يتجدد عليهم ظلم لا ظاهراً ولا باطناً، ليعلم بإبدال «يوم» من ذلك المتقدم أن الخسارة بإقامة الحق عليهم لا بمجرد إسكاتهم.
ولما عقب سبحانه ما ضرب سابقاً من الأمثال بقوله تعالى {ورزقكم من الطيبات} وتلاه بذكر الساعة بقوله تعالى: {وما أمر الساعة} إلى آخره، واستمر فيما مضت مناسباته آخذاً بعضه بحجز بعض حتى ختم بالساعة وآمن من الظلم فيها، وبين أن الأعمال هناك هي مناط الجزاء، عطف على ما مضى - من الأمثال المفروضة المقدرة المرغبة - مثلاً محسوساً موجوداً، مبيناً أن الأعمال في هذه