{إن المبذرين} أي جبلة وطبعاً {كانوا} أي كوناً هم راسخون فيه {إخوان الشياطين} أي كلهم، البعيدين من الرحمة، المحترقين في اللعنة، فإن فعلهم فعل النار التي هي أغلب أجزائهم، وهو إحراق ما وصلت إليه لنفع وغير نفع، فإذا لم يجدوا أخذوا ما ليس لهم، والعرب تقول لكل ملازم سنة قوم وتابع أمرهم: هو أخوهم.
ولما كان الاقتصاد أدعى إلى الشكر، والتبذير أقود إلى الكفر، قال تعالى:{وكان الشيطان} أي هذا الجنس البعيد من كل خير، المحترق من كل شر {لربه} أي الذي أحسن إليه بإيجاده وتربيته {كفوراً *} أي ستوراً لما يقدر على ستره من آياته الظاهرة، ونعمه الباهرة، مع الحجة.
ولما أمر بما هو الأولى في حالة الوجدان، أمر بمثل ذلك حالة العدم، فقال مؤكداً تنبيهاً على أنه ينبغي أن يكون الإعراض عنهم في حيز الاستبعاد والاستنكار:{وإما تعرضن عنهم} أي عن جميع من تقدم ممن أمرت بالبذل له، لأمر اضطرك إلى ذلك لا بد لك منه، لكونك لا تجد ما تعطيه، فأعرضت حياء لا لإرادة المنع، بل {ابتغاء} أي طلب {رحمة} أي إكرام وسعة {من ربك} الكثير الإحسان {ترجوها} فإذا أتتك واسيتهم فيها {فقل لهم} في حالة الإعراض {قولاً ميسوراً *} أي ذا يسر يشرح صدورهم، ويبسط رجاءهم، لأن ذلك أقرب إلى طريق المتقين المحسنين الذين أنا