أي المحسن إليك {يبسط الرزق لمن يشاء} البسط له دون غيره {ويقدر} أي يضيق كذلك سواء قبض يده أو بسطها {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض}[الشورى: ٢٧] ولكنه تعالى لا يبلغ بالمبسوط له غاية مراده، ولا بالمقبوض عنه أقصى مكروهه، فاستنوا في إنفاقكم على عباده بسنته في الاقتصاد {إنه كان} أي كوناً هو في غاية المكنة {بعباده خبيراً} أي بالغ الخبر {بصيراً *} أي بالغ البصر بما يكون من كل القبض والبسط لهم مصلحة أو مفسدة.
ولما أتم سبحانه ما أراد من الوصية بالأصول وما تبع ذلك، وختمه بما قرر من أن قبض الرزق وبسطه منه من غير أن ينفع في ذلك حيلة، أوصاهم بالفروع، لكونهم في غاية الضعف وكانوا يقتلون بناتهم خوف الفقر، وكان اسم البنت قد صار عندهم لطول ما استهجنوه موجباً للقسوة، فقال في النهي عن ذلك مواجهاً لهم، إعلاماً ببعده صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن هذا الخلق قبل الإسلام وبعده:{ولا تقتلوا أولادكم} معبراً بلفظ الولد هو داعية إلى الحنو والعطف {خشية إملاق} أي فقر متوقع لم يقع بعد؛ ثم وصل بذلك استئنافاً قوله:{نحن نرزقهم وإياكم} مقدماً ضمير الأولاد لكون الإملاق مترقباً من الإنفاق عليهم غير حاصل في حال القتل، بخلاف