أعظم العلو بصفات الكمال {عما يقولون} من هذه النقائض التي لا يرضاها لنفسه أحد من عقلاء خلقه فضلاً عن رئيس من رؤسائكم، فكيف بالعلي الأعلى! وأتى بالمصدر المجرد في قوله تعالى:{علواً} إيذاناً بأن الفعل مجرد في الحقيقة وإن أتى به على صيغة التفاعل إيذاناً بالمبالغة {كبيراً *} لا تحتمل عقولكم الوقوف على حقيقته ولا تدركون منه أكثر من مفهوم هذا الوصف عندكم بحسب ما تتعارفونه:
والأمر أعظم من مقالة قائل ... إن رقق البلغاء أو إن فخموا
ثم استأنف بيان عظمة هذا التنزيه مقروناً بالوصف بالكمال فقال تعالى:{تسبح} أي توقع التنزيه الأعظم {له} أي الإله الأعظم الذي تقدم وصفه بالجلال والإكرام خاصة {السماوات السبع} كلها {والأرض} أيضاً {ومن فيهن} من ذوي العقول {وإن} أي وما، وأعرق في النفي فقال تعالى:{من شيء} أي ذي عقل وغيره {إلا يسبح} أي ينزه له متلبساً {بحمده} أي بوصفه بما له من صفات الكمال بما له تعالى في ذلك الشيء من الآيات الدالة