أي وقت أراد {مثلهم} بدءاً فكيف بالإعادة وهم أضغف أمراً وأحقر شأناً {و} أنه {جعل لهم أجلاً} لعذابهم أو موتهم أو بعثهم لأنه معلوم في نفسه {لا ريب فيه} بوجه من الوجوه لما تكرر لهم من مشاهدة أنه لا تؤخر نفس إذا جاء أجلها، وكذا لا تقدم على أجلها، فكم ممن اجتهد الضراغمة الأبطال وفحول الرجال في ضره أو قتله؛ وهم قاطعون أنه في قبضتهم فلم يقدروا على ذلك، ثم كان ذلك بأضعف الناس أو بأوهى سبب فعلم بذلك أنه المنفرد بالقدرة على الإيجاد والإعدام {فأبى} أي بلى قد علموا ذلك علماً كالمحسوس المرئي فتسبب عن ذلك السبب للإيمان أن أبوا - هكذا كان الأصل فأظهر تعميماً وتعليقاً بالوصف فقال:{الظالمون} أي أبى هؤلاء المتعنتون لظلمهم {إلا كفوراً *} أي جحوداً لعدم الشركة.
ولما قدم في هذه السورة أنه هو المعطي وأن عطاءه الجم - الذي فات الحصر، وفضل عن الحاجة، وقامت به الحجة على العباد في تمام قدرته وكمال علمه - غير محظور عن أحد، وأنهم يقتلون أولادهم مع ذلك خشية الإملاق، وهم يطلبون أن يظهر لهم من جنس ما خلق من الينابيع والجنات والذهب والزخرف على كيفيات مخصوصة لغير حاجة ما تقدم ذكره، وقد امتنعوا بخلاً وأنفة وجهلاً عن الاعتراف له بما أوجبه عليهم شكراً لنعمته، واستدفاعاً لنقمته، بعد قيام الدلائل وزوال