بعضكم عن بعض، ونعمنا الطيب منكم بإهانة الخبيث، أن يسأل بنو إسرائيل الذين يقبل هؤلاء المشركون الجهلة كلامهم ويستنصحونهم في أمورهم - عن هذا الذي تلوناه عليك يخبروا به كما أخبرناك، فيثبت حينئذ عندهم أمر الآخرة، وإلا كان قبولهم لبعض كلامهم دون بعض بغير دليل تحكماً وترجيحاً من غير مرجح.
ولما ثبت أمر الحشر بإثبات القدرة على كل ممكن تارة، وبإخبار بني إسرائيل الذين ألزموا أنفسهم قبول كلامهم وقطع المفاوز إليهم لسؤالهم عن بعض الأمور أخرى، ثبت أن هذا القرآن المخبر بذلك حق، وكانوا قد سألوه عن المسائل المذكورة فأجابهم عن أولها وهي الروح بأمر مجمل وعقبه بأنهم سألوه في أشياء اقترحوها وقالوا: لن نؤمن لك حتى تفعلها، وأشار تعالى بالإخبار عن آيات موسى عليه السلام إلى أنه لم يترك إجابتهم بخلاً ولا عجزاً، فإنها من جنس ما سألوا من التصرف في المياه تارة بإنزالهما وتارة بتبديلها دماً الموجب للقدرة على إنبات الأشجار بها، ومن إسقاط السماء كسفاً بإسقاط البرد المهلك، فثبت بذلك صحة الإخبار بتصريف الأمثال في هذا الكتاب،