للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن إجابتك فكانوا كمن قوضوا خيامهم وأذهبوا أعلامهم {إن لم يؤمنوا} .

ولما صور بعدهم، صور قرب ما دعاهم إليه ويسر تناوله بقوله تعالى: {بهذا الحديث} أي القيم المتجدد تنزيله على حسب التدريج {أسفاً *} منك على ذلك، والأسف: أشد الحزن والغضب؛ ثم بين علة إرشاده إلى الإعراض عنهم بغير ما يقدر عليه من التبليغ للبشارة والنذارة بأنهم لم يخرجوا عن مراده سبحانه، وأن الإيمان لا يقدر على إدخاله قلوبهم غيره فقال تعالى: {إنا} أي لا نفعل ذلك لأنا {جعلنا} بما لنا من العظمة {ما على الأرض} من المواليد الثلاثة: الحيوان والمعدن والنبات {زينة لها} بأن حسنّاه في العيون، وأبهجنا به النفوس، ولولا مضرة الحيوانات المؤذية من الحشرات وغيرها كانت الزينة بها ظاهرة، والظاهر أنه لو أطاع الناس كلهم لذهبت مضرتها فبدت زينتها، كما يكون على زمن عيسى عليه السلام حيث تصير لعباً للولدان.

ولما أخبر بتزيينها، أخبر بعلته فقال تعالى: {لنبلوهم} أي نعاملهم معاملة المختبر الذي يسأل لخفاء الأمر عليه بقوله تعالى: {أيهم أحسن عملاً *} أي بإخلاص الخدمة لربه، فيصير ما كنا نعلمه منهم ظاهراً بالفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>