في الخلوة {إذ قاموا} لله تعالى حق القيام في ذلك الجيل الكافرين بين يدي طاغيتهم دقيانوس {فقالوا} مخالفين لهم: {ربنا} الذي يستحق أن نفرده بالعبادة لتفرده بتدبيرنا، هو {رب السماوات والأرض} أي موجدهما ومدبرهما {لن ندعوا من دونه إلهاً *} بعد أن ثبت عجز كل من سواه، والله {لقد قلنا إذاً} أي إذا دعونا من دونه غيره {شططاً} أي قولاً ذا بعد مفرط عن الحق جداً؛ ثم شرعوا يستدلون على كونه شططاً بأنه لا دليل عليه، ويجوز أن يكونوا لما قالوا ذلك عرض لهم الشيطان بشبهة التقليد فقالوا مجيبين عنها:{هؤلاء} وأن يكونوا قالوا ذلك للملك إنقاذاً له من شرك الجهل، وبين المشار إليهم بقولهم:{قومنا} أي وإن كانوا أسن منا وأقوى وأجل في الدنيا {اتخذوا} أي مخالفين مع منهاج العقل داعي الفطرة الأولى {من دونه ءالهة} أشركوهم معه لشبهة واهية استغواهم بها الشيطان؛ ثم استأنفوا على طريق التخصيص ما ينبه على أنهم من حين عبادتهم إلى الآن لم يأتوا على ذلك بدليل، فقالوا منبهين على فساد التقليد في أصول الدين وأنه لا مقنع فيه بدون القطع:{لولا} أي هلا {يأتون} الآن.