لو طردت هؤلاء الفقراء وأبعدتهم عنك مثل عمار وصهيب وبلال فإنه يؤذينا ريح جبابهم ونأنف من مجالستهم جلسنا إليك وسمعنا منك ورجونا أن نتبعك، قال يرغبه في أتباعه مزهداً فيمن عداهم كائناً من كان، معلماً أنه ليس فيهم ملجأ لمن خالف أمر الله وأنهم لا يريدون إلا تبديل كلمات الله فسيذلهم عن قريب ولا يجدون لهم ملتحداً:{واصبر نفسك} أي احبسها وثبتها في تلاوته وتبيين معانيه {مع الذين يدعون ربهم} شكراً لإحسانه، واعترافاً بامتنانه، وكنى عن المداومة بما يدل على البعث الذي كانت قصة أهل الكهف دليلاً عليه فقال تعالى:{بالغداة} أي التي الانتقال فيها من النوم إلى اليقظة كالانتقال من الموت إلى الحياة {والعشي} أي التي الانتقال فيها من اليقظة إلى النوم كالانتقال من الحياة إلى الموت؛ ثم مدحهم بقوله تعالى معللاً لدعائهم:{يريدون} أي بذلك {وجهه} لا غير ذلك في رجاء ثواب أو خوف عقاب وإن كانوا في غاية الرثاثة، وأكد ذلك بالنهي عن ضده فقال مؤكداً للمعنى لقصر الفعل وتضمينه فعلاً آخر:{ولا تعد عيناك} علواً ونبوءاً وتجاوزاً