الخضر عليه السلام:{هذا} أي الوقت أو السؤال. ولما كان ذلك سبب الفراق أو محله، سماه به مبالغة فقال:{فراق بيني وبينك} يا موسى بعد أن كان البينان بيناً واحداً لاتصالهما فلا بين، فهو في الحقيقة فوق ما كان متصلاً من بينهما، أو فراق التقاول الذي كان بيننا، أي الفراق الذي سببه السؤال، وإذا نزل على الاحتباك ازداد ظهوراً، تقديره: فراق بيني وبينك كما أخبرت، وفراق بينك من بيني كما شرطت، وقد أثبتت هذه العبارة الفراق على أبلغ وجه، وذلك أنه إذا وقع فراق بيني من بينك بحائل يحول بينهما فقد وقع منك بطريق الأولى، وحقيقته أن البين هو الفراغ المنبسط الفاصل بين الشيئين وهو موزع بينهما، فبين كل منهما من منتصف ذلك الفراغ إليه، فإذا دخل في ذلك الفراغ شيء فصل بينهما، وصار بين كل منهما ينسب إليه، لأنه صار بين ما ينسب إلى كل منهما من البينين، وحينئذ يكون بينهما مباينة، أي أن بين كل منهما غير بين الآخر ومن قال: إن معنى «هذا فراق بيننا» زوال الفصل ووجود الوصل، كذبه أن معنى «هذا اتصال بيننا» المواصلة، فلو كان هذا معنى ذاك أيضاً لاتحد معنى ما يدل على الوصل بمعنى ما يدل على الفصل، وقد نبه الله سبحانه