{قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني} . فتحرر أنه وفى بمقام الشرع الذي أقامه الله فيه فلم يخل بمقام الصبر الذي ليس فيه ما يخالف ما يعرف ويستحضر من الشرع، وكيف لا وهو من أكابر أولي العزم الذين قال الله تعالى لأشرف خلقه في التسليك بسيرهم {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل}[الأحقاف: ٣٥] وقال تعالى: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}[الأنعام: ٩٠] وقال عليه السلام فيما خرجه الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوذي من بعض من كان معه في حنين فتلوّن وجهه وقال: «يرحم الله أخي موسى! لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر» وعلم أن في قصته هذه حثاً كثيراً على المجاهرة بالمبادرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمصابرة عليه، وأن لا يراعى فيه كبير ولا صغير إذا كان الإمرء على ثقة من أمره في الظاهر بما عنده في ذلك من العلم عن الله ورسوله وأئمة دينه، وتنبيهاً على أنه لا يلزم من العلم اللدني - سواء كان صاحبه نبياً أو ولياً - معرفة كل شيء كما يدعيه أتباع بعض الصوفية، لأن الخضر سأل موسى عليهما السلام: