فكأنه قيل: ماذا أمر فيهم؟ فأجيب بقوله:{قلنا} بمظهر العظمة: {يا ذا القرنين} إعلاماً بقربه من الله وأنه لا يفعل إلا ما أمره به، إما بواسطة الملك إن كان نبياً وهو أظهر الاحتمالات، أو بواسطة نبي زمانه، أو باجتهاده في شريعته الاجتهاد المصيب، {إما أن تعذب} أي هؤلاء القوم ببذل السيف فيهم بكفرهم {وإما أن تتخذ} أي بغاية جهدك {فيهم حسناً *} أمراً له حسن عظيم، وذلك هو البداءة بالدعاء، إشارة إلى أن القتل وإن كان جائزاً فالأولى أن لا يفعل إلا بعد اليأس من الرجوع عن موجبه {قال أما من ظلم} باستمراره على الكفر فإنا نرفق به حتى نيأس منه ثم نقتله، وإلى ذلك أشار بقوله:{فسوف نعذبه} بوعد لا خلف فيه بعد طول الدعاء والترفق {ثم يرد} بعد الحياة بالموت، أو بعد البرزخ بالبعث، رداً هو في غاية السهولة {إلى ربه} الذي تفرد بتربيته {فيعذبه عذاباً نكراً *} شديداً جداً لم يعهد مثله لكفره لنعمته، وبذل خيره في عبادة غيره، وفي ذلك إشارة بالتهديد الشديد لليهود الغارين لقريش، وإرشاد لقريش إلى أن يسألوهم عن قوله هذا، ليكون قائداً لهم إلى الإقرار بالبعث {وأما من ءامن وعمل صالحاً} تصديقاً لما أخبر به من تصديقه