على محال عادة كقولهم: لا تزال على كذا ما بل بحر صوفة وما دجى الليل، ونحو هذا، ولعله عبر بجمع السلامة إشارة إلى أن قليلها بهذه الكثرة فكيف بما هو أكثر منه، وذلك أمر لا يدخل تحت وصف، وعبر بالقبل دون أن يقال «ولم تنفد» ونحوه، لأن ذلك كاف في قطعهم عن الاستقصاء في السؤال ولأن التعبير بمثل ذلك ربما فتح باباً من التعنت وهو أن يجعلوا الواو للحال فيجعلوا النفاد مقيداً بذلك، وأما سورة لقمان فاقتضى سياقها في تأسيس ما فيها على {الغني الحميد}[لقمان: ٢٦] ومقصودها أن يكون التعبير فيها بغير ما ههنا، فما في كل سورة أبلغ بالنسبة إلى سياقه، مع أنه ليس في إفصاح واحدة منهما ما يدل على نفاد الكلمات ولا عدمه، وفي إفهام كل منهما بتدبر القرائن في السياق وغيره ما يقطع بعدم نفاذها، ولا تخالف بين الآيتين وإن كان التعبير في هذه السورة أدخل في التشابه، ويجاب عنه بما قالوا في مثل قول الشاعر «على لاحب لا يهتدى بمناره» من أن ما في حيز السلب لا يقتضي الوجود، ولعل التعبير بمثل ذلك من الفتن المميزة بين من في قلبه مرض وبين الراسخ الذي يرد المتشابه إلى المحكم، وهو ما دل عليه البرهان القاطع من أن الله تعالى لا نهاية لذاته، ولا لشيء من