للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي المحسن إليّ بأن أطلب لك منه غفران ذنوبك بأن يوفقك للاسلام الجابّ لما قبله، لأن هذا كان قبل أن يعلم أنه عدو لله محتوم بشقاوته بدليل عدم جزمه بعذابه في قوله: {إني أخاف أن يمسك} .

ثم علل إقدامه على ذلك إشارة إلى أنه مقام خطر بما له من الإذلال لما له من مزيد القرب فقال: {إنه كان بي} أي في جميع أحوالي {حفيّاً *} أي مبالغاً في إكرامي مرة بعد مرة وكرة إثر كرة، ثم عطف على عدوه بالإحسان وعده بما سأل فيه الهجرة فقال: {وأعتزلكم} أي جميعاً بترك بلادكم؛ وأشار إلى أن من شرط المعبود أن يكون أهلاً للمناداة في الشدائد بقوله: {وما تدعون} أي تعبدون {من دون الله} الذي له الكمال كله، فمن أقبل عليه وحده أصاب، ومن أقبل على غيره فقد خاب ولم يقيد الاعتزال بزمن، بل أشار إلى أنهم ما داموا على هذا الدين فهو معتزل لهم {وأدعوا} أي أعبد {ربي} وحده لاستحقاقه ذلك مني بتفرده بالإحسان إليّ، ثم دعا لنفسه بما نبههم به على خيبة مسعاهم فقال غير جازم بإجابة دعوته وقبول عبادته إجلالاً لربه وهضماً لنفسه: {عسى ألاّ أكون} أي كوناً ثابتاً كأنه احترز بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>