للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{شيئاً *} من أعمالهم؛ ثم بينها بقوله: {جنات عدن} أي إقامة لا ظعن عنها بوجه من الوجوه {التي وعد الرحمن} الشامل النعم {عباده} الذين هو أرحم بهم من الوالدة بولدها؛ وعبر عنهم بوصف العبودية للإشعار بالتحنن، وعداً كائناً {بالغيب} الذي لا اطلاع لهم عليه أصلاً إلا من قبلنا، فآمنوا به فاستحقوا ذلك بفضله سبحانه على إيمانهم بالغيب.

ولما كان من شأن الوعود الغائبة - على ما يتعارفه الناس بينهم - احتمال عدم الوقوع، بين أن وعده ليس كذلك بقوله: {إنه كان} أي كوناً هو سنة ماضية {وعده مأتيّاً *} أي مقصوداً بالفعل، فلا بد من وقوعه، فهو كقوله تعالى {إن كان وعد ربنا لمفعولاً} [الإسراء: ١٠٨] .

ولما كانت الجنة دار الحق، وكان أنكأ شيء لذوي الأقدار الباطل، وكان أقل ما ينكأ منه سماعه، نفى ذلك عنها أبلغ وجه فقال: {لا يسمعون فيها لغواً} أي شيئاً ما من الباطل الذي لا ثمرة له. ولما كانت السلامة ضد الباطل من كل وجه، قال: {إلا} أي لكن {سلاماً} لا عطب معه ولا عيب ولا نقص أصلاً فيه، وأورد على صورة الاستثناء من باب قول الشاعر:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

<<  <  ج: ص:  >  >>