على قراءة نافع وابن عامر وعاصم إشارة إلى أنه أدنى ذكر من هذا يرشده إلى الحق، وقراءة الباقين بفتح الذال والكاف وتشديدهما يشير إلى أنه - لاستغراقه في الغفلة - يحتاج إلى تأمل شديد {الإنسان} أي الآنس بنفسه، المجترىء بهذا الإنكار على ربه وقوفاً مع نفسه {أنا خلقناه} وأشار الجار إلى سبقه بالعدم فقال: {من قبل} أي من قبل جدله هذا أي بما لنا من القدرة والعظمة.
ولما كان المقام لتحقيره بكونه عدماً، أعدم من التعبير عن ذلك ما أمكن إعدامه، وهو النون، لتناسب العبارة المعتبر فقال:{ولم يك شيئاً *} أصلاً، وإنا بمقتضى ذلك قادرون على إعادته فلا ينكر ذلك.
ولما كان كلام الكافر صورته صورة استفهام، وهو جحد في الحقيقة وإنكار، وكان إنكار المهدَّد لشيء يقتدر عليه المهدد سبباً لأن يحققه لما مقسماً عليه، قال تعالى مجيباً عن إنكاره مؤذناً بالغضب عليهم بالإعراض عنهم مخاطباً لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تفخيماً لشأنه وتعظيماً لأمره:{فوربك} المحسن إليك بالانتقام منهم.
ولما كان الإنكار للبعث يلزم منه الاحتقار، أتى بنون العظمة، استمر في هذا التحلي بهذا المظهر إلى آخر وصف هذا اليوم فقال:{لنحشرنهم} بعد البعث {والشياطين} الذين يضلونهم بجعل كل واحد