البينات، بالإقبال على هذه الشبهة الواهية - وهي المفاخرة بالمكاثرة في الدنيا - من قولهم:{أي الفريقين} نحن - بما لنا من الاتساع، أم أنتم - بما لكم من خشونة العيش ورثاثة الحال {خير مقاماً} أي موضع قيام أو إقامة - على قراءة ابن كثير بضم الميم والجماعة بفتحها:{وأحسن ندياً *} مجمعاً ومتحدثاً باعتبار ما في كل من الرجال، وما لهم من الزي والأموال، ويجعلون ذلك الامتحان بالإنغام والإحسان دليلاً على رضى الرحمن، مع التكذيب والكفران، ويغفلون عن أن في ذلك - مع التكذيب بالبعث - تكذيباً مما يشاهدونه منا من القدرة على العذاب بإحلال النقم، وسلب النعم، ولو شئنا لأهلكناهم وسلبنا جميع ما يفتخرون به {وكم أهلكنا} بما لنا من العظمة.
ولما كان المراد استغراق الزمان، لم يأت بالجار إعلاماً بأن المتقدمين كلهم كانوا أرغد عيشاً وأمكن حالاً فقال:{قبلهم من قرن} أي شاهدوا ديارهم، ورأوا آثارهم؛ ثم وصف كم بقوله:{هم} أي أهل تلك القرون {أحسن} من هؤلاء {أثاثاً} أي أمتعة {ورئياً *} أي منظراً، فكأنه قيل: فما يقال لهم؟ فقال:{قل} أي لهم رداً عليهم وقطعاً لمعاذيرهم وهتكاً لشبههم: هذا الذي افتخرتم به لا يدل على حسن الحال في الآخرة، بل على عكس ذلك، فقد جرت عادته سبحانه أنه {من كان في الضلالة} مثلكم كوناً راسخاً بسط له