{تؤزهم أزاً *} أي تحركهم تحريكاً شديداً، وتزعجهم في المعاصي والدنايا التي لا يشكون في قباحتها وعظيم شناعتها وهم أشد الناس عيباً لفاعليها وذماً لمرتكبيها إرعاجاً عظيماً بحيث يكونون في تقلبهم ذلك مثل الماء الذي يغلي في القدر، ومثل الشرر المتطاير الذي هو أشد شيء منافاة لطبع الطين وملاءمة لطبع النار، فلما ثبت بذلك المدعى، تسبب عنه النهي عما اتصفوا به من خفة السفه وطيش الجهل فقال:{فلا تعجل عليهم} بشيء مما تريد به الراحة منهم.
ولما كانت مراقبة ناصر الإنسان لعدوه في الحركات والسكنات أكبر شاف للولي ومفرح، وأعظم غائط للعدو ومزعج ومخيف ومقلق، علل ذلك بقوله دالاًّ على أن زمنهم قصير جداً بذكر العد:{إنما نعد لهم} بإمهالنا لهم وإدرارنا النعم عليهم {عداً *} لأنفاسهم فما فوقها لا نغفل عنهم بوجه، فإذا جاء أجلهم الذي ضربناه لهم، محونا آثارهم، وأخلينا منهم ديارهم، لا يمكنهم أن يفوتونا، فاصبر فما أردنا بإملائنا لهم إلا إشقاءهم وإرداءهم لا تنعيمهم وإعلاءهم، فهو من قصر الموصوف على صفته إفراداً.