الجبار بغضاً وذلاًّ، فأخبر كلاًّ من الفريقين بما له بشارة ونذارة، قال مسبباً عن إفصاح ذلك وإفهامه:{فإنما يسرناه} أي هذا القرآن، الذي عجز عن معارضته الإنس والجان، والكتاب القيم والوحي الذي لا مبدل له بسبب إنزالنا إياه {بلسانك} هذا العربي المبين، العذب الرصين {لتبشر به المتقين} وهم الذين يجعلون بينهم وبين ما يسخط الله وقاية، فلا يبطلون حقاً ولا يحقون باطلاً، ومتى حصلت لهم هفوة بادروا الرجوع عنها بالمتاب، بما لهم عندنا من العز الذي هو ثمرة العز المدلول عليه بما لهم منه في الدنيا، لا لتحزنهم بأن ينزل فيه ما يوهم تسويتهم بأهل المعصية في كلتا الدارين {وتنذر به قوماً لدّاً *} أشد في الخصومة، يريدون العز بذلك، لما لهم عندنا من الذل والهوان الناشىء عن المقت المسبب عن مساوىء الأعمال، وأنا نهلكهم إن لم يرجعوا عن لددهم، والألد هو الذي يتمادى في غيه ولا يرجع لدليل، ويركب في عناد الحق ما يقدر عليه من الشر، ولا يكون هذا إلا ممن يحتقر من يخاصمه ويريد أن يجعل الحق باطلاً، تكبراً عن قبوله، فينطبق عليه ما رواه مسلم في الإيمان عن صحيحه، وأبو داود في اللباس من سننه، والترمذي في البر من جامعه، وابن ماجه في السنة من سننه عن ابن مسعود