فهمّوا به، وكان معظمهم قد ضل، فلم يكن معه من يقوى بهم، فخاف أن يجاهد بهم الكافرين فلا يفيد ذلك شيئاً، ويقتل بعضهم فيحمى له آخرون من ذوي رحمة الأقربين، فيصير بين بني إسرائيل فرقة يبعد ضم شتاتها وتلافي دهمائها، وكانوا قد غيوا الرجوع برجوع موسى عليه السلام مع أنه لم يأمره بجهاد من ضل، إنما قال له {وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين}[الأعراف: ١٤٢] فرأى من الإصلاح اعتزلهم إلى أن يأتي، فلما ذكر ما قال هارون عليه السلام، التفتت النفس إلى علم ما قال له موسى عليه السلام لأنه خليفته عليهم، مع كونه راساً في نفسه، فدفع هذا العناء بقوله، مسقطاً أخذه برأس أخيه لما تقدم من ذكره ويأتي هنا من الدلالة عليه، ولم تدع إليه ضرورة في هذه السورة التي من أعظم مقاصدها الدلالة على تليين القلوب:{قال} أي موسى: {يا هارون} أنت نبي الله وأخي ووزيري وخليفتي فأنت أولى الناس بأن ألومه، وأحقهم بأن أعاتبه {ما منعك إذ} أي حين {رأيتهم ضلوا*} عن طريق الهدى، واتبعوا سبيل الردى، من اتباعي في سيرتي فيهم من الأخذ على يد الظالم طوعاً أو كرهاً،