للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم ويخرج من أصلاب بعضهم من يعبده، وإنما ذلك إكراماً لك رحمة لأمتك لأنا كما قلنا أول السورة {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} بإهلاكهم وإن كانوا قوماً لداً، ولا بغير ذلك، وما أنزلناه إلا لتكثر أتباعك، فيعملوا الخيرات، فيكون ذلك زيادة في شرفك، وإلى ذلك الإشارة بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً» {لكان} أي العذاب {لزاماً} أي لازماً أعظم لزوم لكل من أذنب عند أول ذنب يقع منه لشرفك عنده وقربك لديه {و} لولا {أجل مسمى*} ضربه لكل شيء لكان الأمر كذلك أيضاً، لكنه سبقت رحمته غضبه فهو لا يعجل، وضرب الأجل فهو لا يأخذ قبله، وكل من سبق الكلمة وتسمية الأجل مستقل بالإمهال فكيف إذا اجتمعا، فتسبب عن العلم بأنه لا بد من استيفاء الأجل وإن زاد العاصي في العصيان تسليم الأمور إلى الله وعدم القلق في انتظار الفرج فقال: {فاصبر على ما يقولون} لك من الاستهزاء وغيره.

ولما كان الصبر شديداً على النفس منافراً للطبع، لأن النفس مجبولة على النقائص، مشحونة بالوسواس، أمر منه لأجل من يحتاج إلى الكمال بما ينهض بها من حضيض الجسم إلى أوج الروح بمقامي

<<  <  ج: ص:  >  >>