جسداً يأكلون ويشربون، ويعيشون إلى انقضاء آجالهم ويموتون، وأرسلناهم إلى أممهم فحذروهم وأنذروهم وكلموهم كما أمرناهم، ووعدناهم أن من آمن بهم أسعدناه، ومن كفر واستمر أشقيناه، وأنا نهلك من أردنا من المكذبين، فآمن بهم بعض وكفر آخرون؛ فلم نعاجلهم بالأخذ بل صبرنا عليهم، وطال بلاء رسلنا بهم {ثم صدقناهم} بما اقتضت عظمتنا، وأكد الأمر بتعدية الفعل من غير حرف الجر فقال:{الوعد} أي بإنجائهم؛ وأشار بأداة التراخي إلى أنهم طال بلاؤهم بهم وصبرهم عليهم، ثم أحل بهم سطوته، وأراهم عظمته، ولذا قال مسبباً عن ذلك:{فأنجيناهم} أي الرسل بعظمتنا، ولكون السياق لأنهم في غاية الغفلة التي نشأ عنها التكذيب البليغ الذي اقتضى تنويع القول به إلى سحر وأضغاث وافتراء وشعر، فاقتضى مقابلته بصدق الوعد منه سبحانه، عبر بالإنجاء الذي هو إقلاع من وجدة العذاب في غاية السرعة {ومن نشآء} أي من تابعيهم. إشارة إلى أن سبب الإنجاء المشيئة لا أن التصديق موجب له، لأنه لا يجب عليه سبحانه وتعالى شيء {وأهلكنا} أي بما يقتضيه الحكمة {المسرفين*} كلهم الذين علمنا أن الإسراف لهم وصف لازم لا ينفكون عنه.