أي فيه بأنفسهم {عن وجوههم} التي هي أشرف أعضائهم {النار} استسلاماً وضعفاً وعجزاً {ولا عن ظهورهم} التي هي أشد أجسادهم، فعرف من هذا أنها قد أحاطت بهم وأنهم لا يكفون عن غير هذين من باب الأولى {ولا هم ينصرون*} أي ولا يتجدد لهم نصر ظاهراً ولا باطناً بأنفسهم ولا بغيرهم، لم يقولوا شيئاً من ذلك الكفر والاستهزاء والاستعجال، ولكنهم لا يعلمون ذلك بنوع من أنواع العلم إلا عند الوقوع لأنه لا أمارة لها قاطعة بتعيين وقتها ولا تأتي بالتدريج كغيرها، وهذا معنى {بل تأتيهم} أي الساعة التي هي ظرف لجميع تلك الأحوال وهي معلومة لكل أحد فهي مستحضرة في كل ذهن {بغتة فتبهتهم} أي تدعهم باهتين حائرين؛ ثم سبب عن بهتهم قوله:{فلا يستطيعون ردها} أي لا يطلبون طوع ذلك لهم في ذلك الوقت ليأسهم عنه {ولا هم ينظرون*} أي يمهلون من ممهل ما ليتداركوا ما أعد لهم فيها، فيا شدة أسفهم على التفريط في الأوقات التي أمهلوا فيها في هذه الدار، وصرفهم إياها في لذات أكثرها أكدار.