ظلم، وكان الحساب تفصيل الأمور ومقابلة كل منها بما يليق به، وذلك بعينه هو الفرقان، قال سبحانه بعد آية الحساب عاطفاً على «لقد أنزلنا» : {ولقد ءاتينا} أي بما لنا من العظمة {موسى وهارون} أي أخاه الذي سأل أن يشد أزره به {الفرقان} الذي تعاضدا على إبلاغه والإلزام بما دعا إليه حال لكونه مبيناً لسعادة الدارين، لا يدع لبساً في أمر من الأمور {وضياء} لا ظلام معه، فلا ظلم للمستبصر به، لأن من شأن من كان في الضياء أن لا يضع شيئاً إلا في موضعه {وذكراً} أي وعظاً وشرفاً.
ولما كان من لا ينتفع بالشيء لا يكون له منه شيء، قال:{للمتقين*} أي الذين صار هذا الوصف لهم شعاراً حاملاً لهم على التذكير لما يدعو إليه الكتاب من التوحيد الذي هو أصل المراقبة؛ ثم بين التقوى بوصفهم بقوله:{الذين يخشون} أي يخافون خوفاً عظيماً {ربهم} أي المحسن إليهم بعد الإيجاد بالتربية وأنواع الإحسان {بالغيب} أي في أن يكشف لهم الحجاب {وهم من الساعة} التي نضع فيها الموازين وقد أعرض عنها الجاهلون مع كونها أعظم حامل على كل خير، مبعد من كل ضير {مشفقون*} لأنهم لقيامها متحققون، وبنصب الموازين فيها عالمون.