للتعنت، أفرد الضمير فقال:{وهو محسن} في جانب الحق بإذعان القلب، وفي جانب الخلق بما يرضي الرب، فصار يعبد الله كأنه يراه، فطابق سره علنه. ولما نفوا الأجر عن غيرهم وأثبته سبحانه للمتصف بالإسلام منهم وممن سواهم وكان ربما قيل إنه أعطى غيرهم لكونه الملك المطلق بغير سبب ربط الأجر بالفاء دليلاً على أن إسلامهم هو السبب فقال:{فله} خاصة {أجره عند ربه} إحساناً إليه بإثبات نفعه على حسب ما ربّه به في كل شريعة.
ولما كان ربما ادعى أنه ما أفرد الضمير إلا لأن المراد واحد بعينه فلا يقدح ذلك في دعوى أنه لن يدخل الجنة إلا اليهود أو النصارى جمع فقال:{ولا خوف عليهم} من آت {ولا هم يحزنون} على شيء فات دفعاً لضرهم، وهذا كما أثبت سبحانه خلاف دعواهم في مس النار بقوله:{بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته}[البقرة: ٨١] الآية، فالتحم الكلام بذلك أشد التحام وانتظم أي انتظام.
ولما أبطل دعوى اختصاصهم بالرحمة قدحاً منهم في غيرهم وأثبتها للمحسنين أتبع ذلك قدح كل فريق منهم في الآخر وبيان انتفائها عنهم بإساءتهم بإبطال كل فرقة منهم دعوى الأخرى مع ما يشهد به