وفي أنكم بعد أن عبدتموها ولا قدرة لها تركتموها بلا حافظ.
ولما كان رجوعهم إلى الضلال بعد هذا الإقرار الصحيح الصريح في غاية البعد، عبر بأداته مشيراً إلى ذلك فقال:{ثم نكسوا} أي انقلبوا في الحال غير مستحيين مما يلزمهم من الإقرار بالسفه حتى كأنهم قلبهم قالب لم يمكنهم دفعه {على رءوسهم} فصار أعلاهم أسفلهم برجوعهم عن الحق إلى الباطل، من قولهم: نكس المريض - إذا رجع إلى حاله الأول، قائلين في مجادلته عن شركائهم:{لقد علمت} يا إبراهيم! {ما هؤلاء} لا صحيحهم ولا جريحهم {ينطقون*} فكانوا بما فاهوا به ظانين أنه ينفعهم، ممكنين لإبراهيم عليه السلام من جلائل المقاتل.
ولما تسبب عن قولهم هذا إقرارهم بأنهم لا فائدة فيهم، فاتجهت لإبراهيم عليه السلام الحجة عليهم، استأنف سبحانه الإخبار عنها بقوله:{قال} منكراً عليهم موبخاً لهم مسبباً عن إقرارهم هذا: {أفتعبدون} ونبههم على أن جميع الرتب تتضاءل دون رتبة الإلهية بقوله: {من دون الله} أي من أدنى رتبة من تحت رتبة الملك الذي لا ضر ولا نفع إلا بيده لاستجماعه صفات الكمال. ولما كانوا في محل ضرورة بسبب تكسير