لغيره لغمره جميع الأرض دانيها وقاصيها، واطيها وعاليها، فقال:{ونوحاً إذ} أي اذكره حين {نادى} أي دعا ربه {إني مغلوب فانتصر}[القمر: ١٠] و {لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً}[نوح: ٢٦] ونحوه من الدعاء.
ولما كان دعاؤه لم يستغرق الأزمنة الماضية، أثبت الجار فقال:{من قبل} أي من قبل لوط ومن تقدمه {فاستجبنا} أي أردنا الإجابة وأوجدناها بعظمتنا {له} في ذلك النداء؛ ثم سبب عن ذلك قوله:{فنجيناه} أي بعظمتنا تنجية عظيمة {وأهله} الذين أدام ثباتهم على الإسلام وصلتهم به {من الكرب العظيم*} من الأذى والغرق؛ قال أبو حيان: والكرب: أقصى الغم، والأخذ بالنفس، وهو هنا الغرق، عبر عنه بأول أحوال ما يأخذ الغريق. {ونصرناه} أي مخلصين له ومانعين ومنتقمين {من القوم} أي المتصفين بالقوة {الذين كذبوا} أي أوقعوا التكذيب له {بآياتنا} أي بسبب إتيانه بها، وهي من العظمة على أمر لا يخفى.
ولما كان التقدير: ثم أهلكناهم، علله بقوله:{إنهم كانوا قوم سوء} لا عمل لهم إلا ما يسوء {فأغرقناهم} أي بعظمتنا التي أتت عليهم كلهم {أجمعين*} حتى من قطع الكفر بين نوح عليه السلام وبينه