{بدأنا} أي بما عُلم لنا من العظمة {أول خلق} أي تقدير أيّ تقدير كان، نكره ليفيد التفصيل واحداً واحداً، بمعنى أن كل خلق جل أو قل سواء في هذا الحكم، وهو أنا {نعيده} أي بتلك العظمة بعينها، غير ناسين له ولا غافلين ولا عاجزين عنه، فما كان متضامّ الأجزاء فمددناه نضمه بعد امتداده، وما كان ميتاً فأحييناه نميته بعد حياته، وما كان حياً فأمتناه نحييه بعد موته، ونعيد منهم من التراب من بدأناه منه، والحاصل أن من أوجد شيئاً لا يبعد عليه التصرف فيه كيفما كان؛ روى البخاري في التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
«إنكم محشورون إلى الله عراة غرلاً {كما بدأنا أول الخلق نعيده} - الآية، أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام، ألا إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يارب! أصحابي! فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح {كنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم - إلى قوله - شهيد} فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم» ثم أعلم أن ذلك أمر لابد منه بالتعبير بالمصدر