جميع ما أرسلت به ولم أخص به أحداً دون أحد، وهذا كله معنى {على سواء} أي إيذاناً مستعلياً على أمر نصف وطريق عدل، ليس فيه شيء من خفاء ولا غش ولا خداع ولا عذر، بل نستوي فيه نحن وأنتم.
ولما كان من لازم البراءة من شخص الإيقاع به كان موضع أن يقولوا هزؤاً على عادتهم: نبذت إلينا على سواء فعجل لنا ما تتوعدنا به، فقال:{وإن} أي وما {أدري أقريب} جداً بحيث يكون قربه على ما تتعارفونه {أم بعيد ما توعدون*} من عذاب الله في الدنيا بأيدي المسلمين أو بغيره، أو في الآخرة مع العلم بأنه كائن لا محالة، وأنه لا بد أن يلحق من أعراض عن الله الذل والصغار.
ولما كان من المقطوع به من كون الشك إنما هو في القرب أو البعد أن يكون التقدير: لكنه محقق الوجود، لأن الله واحد لا شريك له، وقريب عند الله، لأن كل ما حقق إيجاده قريب، علله بقوله:{إنه} أي الله تعالى {يعلم الجهر} ولما كان الجهر قد يكون في الأفعال، بينه بقوله:{من القول} مما تجاهرونه به من العظائم وغير ذلك، ونبه الله تعالى على ذلك لأن من أحوال الجهر أن ترتفع الأصوات جداً بحيث تختلط ولا يميز بينها ولا يعرف كثير من حاضريها ما قاله أكثر القائلين، فأعلم سبحانه أنه لا يشغله صوت