ولذلك عبر بالناس الذي مدلولة الاضطراب والتردد دون أن يضمر {من يعبد الله} أي يعمل على سبيل الاستمرار والتجدد بما أمر به الإله الأعظم من طاعته {على حرف} فهو مزلزل كزلزلة من يكون على حرف شفير أو جبل أو غيره، لا استقرار له، وكالذي على طرف من العسكر، فإن رأى غنيمة قر، وإن توهم خوفاً طار وفر، وذلك معنى قوله:{فإن أصابه خير} أي من الدنيا {اطمأن به} أي بسببه، وثبت على ما هو عليه {وإن أصابته فتنة} أي مصبية ولو قلت - بما يشير إليه التأنيث - في جسده أو معيشته يختبر بها ويظهر خبأة للناس {انقلب على وجهه} لتهيئه للانقلاب بكونه على شفا جرف فسقط عن ذلك الطرف من الدين سقوطاً لا رجوع له بعد إليه ولا حركة له معه، فإن الإنسان مطبوع على المدافعة بكل عضو من أعضائه عن وجهه فلا يمكن منه إلا بعد نهاية العجز، والمعنى أنه رجع إلى الوجه الذي كان عليه من الكفر أو الشك رجوعاً متمكناً، وهذا بخلاف الراسخ في إيمانه، فإنه إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء حمد وصبر، فكل قضاء الله له خير.
ولما كان انقلاب هذا مفسداً لآخرته بما ناله من الوزر، وغير نافع له في استدراك ما فاته من الدنيا، كانت فذلكة ذلك قوله: