هذا في تقدير عامل من لفظ الأول بغير معناه هو قريب من الاستخدام الذي يعلو فيه ضمير على لفظ مراد منه معنى آخر، والآية من الاحتباك: إثبات السجود في الأول دليل على انتفائه في الثاني، وذكر العذاب في الثاني دليل على حذف الثواب في الأول.
ولما علم بهذا أن الكل جارون مع الإرادة منقادون أتم انقياد تحت طوع المشيئة، وأنه إنما جعل الأمر والنهي للمكلفين سبباً لإسعاد السعيد منهم وإشقاء الشقي، لإقامة الحجة عليهم على ما يتعارفونه من أحوالهم فيما بينهم، كان المعنى: فمن يكرم الله بتوفيقه لا متثال أمره فما له من مهين، فعطف عليه:{ومن يهن الله} أي الذي له الأمر كله بمنابذة أمره {فما له من مكرم} لأنه لا قدرة لغيره أصلاً، ولعله إنما ذكره وطوى الأول لأن السياق لإظهار القدرة، وإظهارها في الإهانة أتم، مع أن أصل السياق للتهديد؛ ثم علل أن الفعل له لا لغيره بقوله:{إن الله} أي الملك الأعظم {يفعل ما يشاء*} أي كله، فلو جاز أن يمانعه غيره ولو في لحظة لم يكن فاعلاً لما يشاء، فصح أنه لا فعل لغيره، قال ابن كثير: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن شيبان الرملي ن القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه