من الأشياء في وقت من الأوقات {فكأنما خرّ من السماء} لعلو ما كان فيه من أوج التوحيد وسفول ما انحط إليه من حضيض الإشراك.
ولما كان الساقط من هذا العلو متقطعاً لا محالة إما بسباع الطير أو بالوقوع على جلد، عبر عن ذلك بقوله:{فتخطفه الطير} أي قطعاً بينها، وهو نازل في الهواء قبل أن يصل إلى الأرض {أو تهوي به الريح} أي حيث لم يجد في الهواء ما يهلكه {في مكان} من الأرض {سحيق*} أي بعيد في السفول، فيتقطع حال وصوله إلى الأرض بقوة السقطة وشدة الضغطة لبعد المحل الذي خر منه وزل عنه، فالآية من الاحتباك: خطف الطير الملزوم للتقطع أولاً دال على حذف التقطع ثانياً، والمكان السحيق الملزوم لبلوغ الأرض ثانياً دليل على حذف ضده أولاً؛ ثم عظم ما تقدم من التوحيد وما هو مسبب عنه بالإشارة بأداة البعد.