فكلما كانت سمينة حسنة كانت منافعها أكثر ديناً ودنيا {إلى أجل مسمى} وهو الموت الذي قدرناه على كل نفس، أو النحر إن كانت مهداة، أو غير ذلك، وهذا تعليل للجملة التي قبله، فإن المنافع حاملة لذوي البصائر على التفكر فيها لا سيما مع تفاوتها، والتفكر فيها موصل إلى التقوى بمعرفة أنها من الله، وأنه قادر على ما يريد. وأنه لا شريك له.
ولما كانت هذه المنافع دنيوية، وكانت منفعة نحرها إذا أهديت دينية، أشار إلى تعظيم الثاني بأداة التراخي فقال:{ثم محلها} أي وقت حلول نحرها بانتهائكم بها {إلى البيت العتيق*} أي إلى فنائه وهو الحرم كما قال تعالى {هدياً بالغ الكعبة}[المائدة: ٩٥] .
ولما كان التقدير: جعل لكم سبحانه هذه الأشياء مناسك، عطف عليه قوله:{ولكل أمة} أي من الأمم السالفة وغيرها {جعلنا} بعظمتنا التي لا يصح أن تخالف {منسكاً} أي عبادة أو موضع عبادة أو قرباناً، فإنه يكون مصدر نسك - كنصر وكرم - نسكاً ومنسكاً، ويكون بمعنى الموضع الذي يعبد فيه، والذي يذبح فيه النسك وهو الهدي، وقال ابن كثير: ولم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء