فقال معبراً بالاسم العلم الذي حمى عن الشركة بكل اعتبار:{الله} أي رضا الملك الذي له صفات الكمال فلا يلحقه نفع ولا ضر {لحومها} المأكوله {ولا دماؤها} المهراقة {ولكن يناله التقوى} أي عمل القلب وهي الصفة المقصود بها أن تقي صاحبها سخط الله، وهي التي استولت على قلبه حتى حملته على امتثال اموامر التي هي نهايات لذلك، الكائنة {منكم} الحاملة على التقرب التي بها يكون له روح القبول، المحصلة للمأمول؛ قال الرازي في اللوامع: وهذا دليل على أن النية الخالصة خير من الأعمال الموظفة - انتهى. فإذا نالته سبحانه النية قبل العمل فتلقى اللقمة «فرباها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل جبل»«ووقع الدم منه بمكان» فالنفي لصورة لا روح لها والإثبات لذات الروح، فقد تفيد النية من غير عمل كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك ما معناه. «إن بالمدينة رجالاً ما نزلنا منزلاً ولا قطعنا وادياً إلا كانوا فيه حبسهم العذر» ولا يفيد العمل بغير نية، والنية هي التي تفيد الجزاء سرمداً والله الموفق؛ ثم كرر التنبيه على عظيم تسخيرها منبهاً على ما أوجب عليهم به فقال:{كذلك} أي التسخير العظيم {سخرها} أي الله الجامع لصفات الكمال {لكم} بعظمته وغناه عنكم {لتكبروا} .
ولما ذكر التكبير، صوره بالاسم الأعظم فقال:{الله} وضمن التكبير فعل الشكر، فكان التقدير: شاكرين له {على ما هداكم}