للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان حتى الحياة والموت، وكان من أجلى الأشياء، وكانت أفعاله معرضة عن الرب هذه النعم بالعبادة لغيره، أو التقصير في حقه على عموم فضله وخيره، ختم الآية سبحانه بقوله: {إن الإنسان لكفور*} أي بليغ الكفر حيث لم يشكر على هذه النعم المحيطة به.

ولما تقدم ذكر المناسك، وكان لكثرة الكفار قد يقع في النفس أن إقامتها معجوز عنها، وكشف سبحانه غمة هذا السؤال بآية {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} وما بعدها، فأنتج ذلك علمنا بتصرفه التام بقدرته الباهرة، وعلمه الشامل المقتضي لإقبال العباد إليه، واجتماعهم كلهم عليه، فمن شك في قدرته على إظهار دينه بمدافعته عن أهله، أو نازع فيه فهو كفور، ذكر بإظهار أول هذا الخطاب بآخر ذلك الخطاب مؤكداً لما أجاب به عن ذلك السؤال من تمام القدرة وشمول العلم أنه هو الذي مكن لكل قوم ما هم فيه من المناسك التي بها انتظام الحياة، فإن وافقت الأمر الإلهي كانت سبباً للحياة الأبدية، وإلا كانت سبباً للهلاك الدائم، وهو سبحانه الذي نصب من الشرائع لكل قوم ما يلائمهم، لأنه بتغيير الزمان بإيلاج الليل في النهار على مر الأيام وتوالي الشهور والأعوام، بسبب من الأسباب - لأجل امتحان العباد، وإظهار ما خبأ في جبلة كل منهم من طاعة وعصيان، وشكر وكفران -

<<  <  ج: ص:  >  >>