العبادة {ربكم} المحسن إليكم بكل نعمة دنيوية ودينية. ولما ذكر عموم العبادة، أتبعها ما قد يكون أعم منها مما صورته صورتها، وقد يكون بلا نية، فقال:{وافعلوا الخير} أي كله من القرب كصلة الأرحام وعيادة المرضى ونحو ذلك، من معالي الأخلاق بنية وبغير نية، حتى يكون ذلك لكم عادة فيخف عليكم عمله لله، وهو قريب من «ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا» قال أبو حيان: بدأ بخاص ثم بأعم. {لعلكم تفلحون*} أي ليكون حالكم حال من يرجو الفلاح، وهو الفوز بالمطلوب؛ قال ابن القطاع: أفلح الرجل: فاز بنعيم الآخرة، وفلح أيضاً لغة فيه. وفي الجمع بين العباب والمحكم: الفلح والفلاح: الفوز والبقاء وفي التنزيل {قد أفلح المؤمنون}[المؤمنون: ١] أي نالوا البقاء الدائم، وفي الخبر: أفلح الرجل: ظفر. ويقال لكل من أصاب خيراً: مفلح.
ولما كان الجهاد أساس العبادة، وهو - مع كونه حقيقة في قتال الكفار - صالح لأن يعم كل أمر بمعروف ونهي عن منكر بالمال والنفس بالقول والفعل بالسيف وغيره، وكل اجتهاد في تهذيب