إلا الله مع أن الممتن به نفس الحمل لا بالنظر إلى شيء آخر، بني للمفعول قوله:{تحملون*} بإنعامه عليكم بذلك، ولو شاء لمنعه، فتذكروا عظيم قدرته وكمال صنعته، وعظموه حق تعظيمه، واشكروه على ما أولاكم من تلك النعم، وأخلصوا له الدين، لتفلحوا فتكونوا من الوارثين.
ولما كان التقدير: فلقد حملنا نوحاً ومن أردنا ممن آمن به من أولاده وأهله وغيرهم على الفلك، وأغرقنا من عانده من أهل الأرض قاطبة بقدرتنا، ونصرناه عليهم بعد ضعفه عنهم بأيدينا وقوتنا، وجعلناه وذريته هم الوارثين، وكنتم ذرية في أصلابهم، وكثرناهم حتى ملأنا منهم الأرض، دلالة على ما قدمنا من تفردنا كما أجرينا عادة هذا الكتاب الكريم بذكر عظيم البطش بعد أدلة التوحيد، وأتبعناه بعده الرسل الذين سمعتم بهم، وعرفتم بعض أخبارهم، يا من أنكر الآن رسالة البشر لإنكار رسالة هذا النبي الكريم! عطف عليه يهدد بإهلاك الماضين، للرجوع عن الكفر، ويذكر بنعمة النجاة للإقبال على الشكر، ويسلي هذا النبي الكريم ومن معه من المؤمنين لمن كذب قبله من النبيين وأوذي من أتباعهم، ويدل على أنه يفضل من عباده من يشاء بالرسالة، كما فضل طينة الإنسان على سائر الطين، وعلى أن الفلاح بالإرث والحياة الطيبة في الدارين مخصوص بالمؤمنين كما ذكر أول السورة، فذكر نوحاً