أما إذا أريد هذه الأمة فقط فيكون المعنى: قد بينا الآيات الدالات على طريق الحق بأعظم برهان وبالإخبار عن دقائق لا يعلمها إلا حُذّاق أهل الكتاب لقوم يحق عليهم الإيقان لما وضح لهم من الأدلة، ثم علل ذلك لقوله:{إنا أرسلناك} إرسالاً ملتبساً {بالحق} أي بالأمر الكامل الذي يطابقه الواقع في كل جزئية يخبر بها.
قال الحرالي: والحق التام المكمل بكلمة «أل» هو استنطاق الخلق عن أمر الله فيهم على وجه أعلى لرسالته العلية الخاصة به عن عموم مّا وقعت به رسالة المرسلين من دون هذا الخصوص، وذلك «حق» منكر، كما تقدم أي عند قوله:{وهو الحق مصدقاً لما معهم}[البقرة: ٩١] لأن ما أحق غيباً مما أنزله الله فهو «حق» حتى السحر، وما أظهر غيب القضاء والتقدير وأعلن بإبداء حكمة الله على ما أبداها من نفوذ مشيئته في متقابل ما أبداه من خلقه فهو «الحق» الذي خلقت به السماوات والأرض ابتداء وبه ختمت الرسالة انتهاء لتطابق الأول والآخر كمالاً، حال كونك {بشيراً ونذيراً} وقال الحرالي: لما أجرى الله سبحانه من الخطاب عن أهل الكتاب والعرب نبّأ ردهم لما أنزل أولاً وآخراً ونبأ ما افتروه مما لا شبهة فيه دعواه أعرض بالخطاب عن الجميع وأقبل به على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسلية له وتأكيداً لما أعلمه به في أول السورة من أن الأمر مجرى على