وصفوه بما يوهم المساواة في كل وصف فقالوا:{يأكل مما تأكلون منه} من طعام الدنيا {ويشرب مما تشربون*} أي منه من شرابها فكيف يكون رسولاً دونكم!
ولما كان التقدير: فلئن اتبعتموه إنكم لضالون، عطف عليه:{ولئن أطعتم بشراً مثلكم} في جميع ما ترون {إنكم إذاً} أي إذا أطعتموه {لخاسرون*} أي مغبونون لكونكم فضلتم مثلكم عليكم بما يدعيه مما نحن له منكرون؛ ثم بينوا إنكارهم بقولهم:{أيعدكم أنكم إذا متم} ففارقت أرواحكم أجسادكم {وكنتم} أي وكانت أجسادكم {تراباً} باستيلاء التراب على ما دون عظامها {وعظاماً} مجردة؛ ثم بين الموعود به بعد أن حرك النفوس إليه، وبعث بما قدمه أتم بعث عليه، فقال مبدلاً من {أنكم} الأولى إيضاحاً للمعنى: {أنكم مخرجون*} أي من تلك الحالة التي صرتم إليها، فراجعون إلى ما كنتم عليه من الحياة على ما كان لكم من الأجسام؛ ثم استأنفوا التصريح بما دل عليه الكلام من استبعادهم ذلك فقالوا:{هيهات هيهات} أي بعد بعد جداً بحيث صار ممتنعاً، ولم يرفع ما بعده به بل قطع عنه تفخيماً له، فكان كأنه قيل: لأيّ شيء هذا الاستبعاد؟ فقيل:{لما توعدون*} .