ولما تضمن ذلك إحياءهم وإماتتهم، صرح به على وجه عام فقال:{وهو} أي وحده {الذي} من شأنه أنه {يحيي ويميت} فلا مانع له من البعث ولا غيره مما يريده. ولما كانت حقيقة البعث إيجاد الشيء كما هو بعد إعدامه، ذكرهم بأمر طالما لا بسوه وعالجوه ومارسوه فقال:{وله} أي وحده، لا لغيره {اختلاف الليل والنهار} أي التصرف فيهما على هذا الوجه، يوجد كلاًّ منهما بعد أن أعدمه كما كان سواء، فدل تعاقبهما على تغيرهما، وتغيرهما بذلك وبالزيادة والنقص على أن لهما مغيراً لا يتغير وأنه لا فعل لهما وإنما الفعل له وحده، وأنه قادر على إعادة المعدوم كما قدر على ابتدائه بما دل على قدرته وبهذا الدليل الشهودي للحامدين، ولذلك ختمه بقوله منكراً تسبيبَ ذلك لعدم عقلهم:{أفلا تعقلون*} أي يكون لكم عقول لتعرفوا ذلك فتعملوا بما تقتضيه من اعتقاد البعث الذي يوجب سلوك الصراط.
ولما كان معنى الاستفهام الإنكاري النفي، حسن بعده كل الحسن قوله:{بل} وعدل إلى أسلوب الغيبة للإيذان بالغضب بقوله: {قالوا} أي هؤلاء العرب {مثل ما قال الأولون*} من قوم نوح ومن بعده؛ ثم استأنف قوله:{قالوا} أي منكرين للبعث متعجبين