تعمد كذبه هذا النذير، فكان قولهم هذا موضع العجب لكونه ظاهر الخلل.
ولما كان الإنسان مطبوعاً على أنه يتكثر بأدنى شيء من المحاسن فيحب أن تظهر عنه ولا ينسب شيء منها إلى غيره، كان أعجب من ذلك وأظهر عواراً قولهم:{وأعانه} أي محمداً {عليه} أي القرآن {قوم} أي ذوو كفاية حبوه بما يتشرف به دونهم؛ وزادوا بعداً بقولهم:{آخرون} أي من غير قومه؛ فقيل: أرادوا اليهود، وقيل: غيرهم ممن في بلدهم من العبيد النصارى وغيرهم، فلذلك تسبب عنه قوله تعالى:{فقد جاءو} أي الكفار في ذلك {ظلماً} بوضع الإفك على ما لا أصدق منه ولا أعدل {وزوراً*} أي ميلاً مع جلافة عظيمة عن السنن المستقيم في نسبة أصدق الناس وأطهرهم خليقة، وأقومهم طريقة، إلى هذه الدنايا التي لا يرضاها لنفسه أسقط الناس، فإنها - مع كنها دنيئة في نفسها - مضمونة الفضيحة؛ قال ابن جرير وأصل الزور تحسين الباطل وتأويل الكلام.
ولما تبين تناقضهم أولاً في ادعائهم في القرآن ما هو واضح المنافاة لوصفه، وثانياً بأنه أعين عليه بعد ما أشعرت به صيغة الافتعال من الانفراد، أتبعه تعالى تناقضاً لهم آخر بقوله معجباً:{وقالوا}