المعجزات هي البرهان على صدقهم، وهي متساوية الأقدام في كونها خوارق، لا يقدر على معارضتها، فالتكذيب بشيء منها تكذيب بالجميع لأنه لا فرق، ولأنهم كذبوا من مضى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيما سمعوه من أخبارهم، ولأنهم عللوا تكذيبهم بأنه من البشر فلزمهم تكذيب كل رسول من البشر. ولما كان كأنه قيل: بأيّ شيء دمروا؟ قال:{أغرقناهم} كما أغرقنا آل فرعون بأعظم مما أغرقناهم {وجعلناهم} أي قوم نوح في ذلك {للناس آية} أي علامة على قدرتنا على ما نريد من إحداث الماء وغيره وإعدامه والتصرف في ذلك بكل ما نشاء، وإنجاء من نريد بما أهلكنا به عدوه {وأعتدنا} أي هيأنا تهيئة قريبة جداً وأحضرنا على وجه ضخم شديد تام التقدير؛ وكان الأصل: لهم، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال:{للظالمين} أي كلهم في أيّ زمان كانوا، لأجل ظلمهم بوضعهم الأشياء في غير مواضعها {عذاباً أليماً*} لاسيما في الآخرة.
ولما ذكر آخر الأمم المهلكة بعامة وأولها، وكان إهلاكهما بالماء، ذكر من بينهما ممن أهلك بغير ذلك، إظهاراً للقدرة والاختيار، وطوى