في الإقبال على الله العزيز الغفار، فقال:{إلا من تاب} أي رجع إلى الله عن شيء مما كان فيه من هذه النقائص {وآمن} أي أوجد الأساس الذي لا يثبت عمل بدون وهو الإيمان، أو أكد وجوده {وعمل} . ولما كان الرجوع عنه أغلظ، أكد فقال:{عملاً صالحاً} أي مؤسساً على أساس الإيمان؛ ثم زاد في الترغيب بالإتيان بالفاء ربطاً للجزاء بالشرط دليلاً على أنه سببه فقال:{فأولئك} أي العالو المنزلة {يبدل الله} وذكر الاسم الأعظم تعظيماً للأمر وإشارة إلى أنه سبحانه لا منازع له {سيئاتهم حسنات} أي بندمهم على تلك السيئات، لكونها ما كانت حسنات فيكتب لهم ثوابها بعزمهم الصادق على فعلها لو استقبلوا من أمرهم ما استدبروا، بحيث إذا رأى أحدهم تبديل سيئاته بالحسنات تمنى لو كانت سيئاته أكثر! وورد أن بعضهم يقول: رب! إن لي سيئات ما رأيتها - رواه مسلم في أواخر الإيمان من صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه رفعه.
ولما كان هذا أمراً لم تجر العادة بمثله، أخبر أنه صفته تعالى أزلاً وأبداً، فقال مكرراً للاسم الأعظم لئلا يقيد غفرانه شيء مما مضى:{وكان الله} أي الذي له الجلال والإكرام على الإطلاع {غفوراً}