شجرة من الشيح وانطلقت وجلست قبالته وتباعدت عنه كرمية بسهم كيلا تعاين موته، فلما صرخ الغلام وبكى سمع الرب صوته فدعا ملاك الرب هاجر من السماء وقال لها: ما لك يا هاجر؟ لا تخافي، لأن الرب قد سمع صوت الصبي حيث هو، قومي فاحملي الصبي وشدي به يديك، لأني أجعله رئيساً لشعب عظيم، فجلى الله عن بصرها فرأت بئر ماء، فانطلقت فملأت الإدواة وسقت الغلام، وكان الله مع الغلام فشب وسكن برية فاران وكان يتعلم الرمي في تلك البرية وزوجته أمه امرأة - انتهى.
وفيه إن هذا الكلام في إخراج هاجر وولدها ظاهره مناقض لما تقدم في ختان إسماعيل عليه السلام، فإن فيه أنه كان ابن ثلاث عشرة سنة، وهذا ظاهره أنه كان رضيعاً، وفي الحديث الصحيح «أنه وضعه عند البيت وهو يرضع» ويمكن حمل هذا عليه بهذا الكلام الأخير. وأما الأول فلم يقل فيه إنه كان عند الختان ببيت المقدس، فيمكن أن إبراهيم عليه السلام طوى له الله الأرض بالبراق أو غيره فذهب إلى مكة المشرفة فختنه ثم رجع. وفيه بشارة بنبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصرح مما ذكروه وهي قوله: ويتبارك بك جميع قبائل الأرض، لأن ذلك لم يحصل بأحد من أولاد إبراهيم عليه السلام إلا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أثبت البركة به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخير في غالب قبائل