أكد هذا النفي بقوله:{إن} أي ما {أجري} أي في دعائي لكم {إلا على رب العالمين*} أي الذي دبر جميع الخلائق ورباهم.
ولما انتفت التهمة، تسبب عن انتفائها أيضاً ما قدمه، فأعاده إعلاماً بالاهتمام بذلك زيادة في الشفقة عليهم وتأكيداً له في قلوبهم تنبيهاً على أن الأمر في غاية العظمة لما يعلم من قلوبهم من شدة الجلافة فقال:{فاتقوا الله} أي الذي حاز جميع صفات العظمة {وأطيعون} .
ولما قام الدليل على نصحه وأمانته، أجابوا بما ينظر إلى محض الدنيا كما أجاب من قال من أشراف العرب {ما لهذا الرسول} الآيات، وقال: لو طردت هؤلاء الضعفاء لرجونا أن نتبعك حتى نزل في ذلك {ولا تطرد الذين يدعون ربهم}[الأنعام: ٥٢] ونحوها من الآيات، بأن {قالوا} أي قومه، منكرين لاتباعه استناداً إلى داء الكبر الذي ينشأ منه بطر الحق وغمط الناس - أي احتقارهم:{أنؤمن لك} أي لأجل قولك هذا وما أثبته أوصافك {و} الحال أنه قد {اتبعك الأرذلون*} أي المؤخرون في الحال والمآل، والأحوال والأفعال، فيكون إيماننا بك سبباً لاستوائنا معهم، فلو طردتهم لم يكن لنا عذر في التخلف عنك، ولا مانع من اتباعك، فكان ما متعوا به من العرض الفاني مانعاً لهم عن السعادة الباقية، وأما الضعفاء فانكسار قلوبهم وخلوّها عن شاغل موجبٌ لإقبالها على الخير