نزل به عليك الروح الأمين، لما بينك وبينهما من تمام النسبة بالنورانية والخير {إلهاً} وتقدم في آخر الفرقان حكمة الإتيان بقوله: {آخر فتكون} أي فيتسبب عن ذلك أن تكون {من المعذبين*} من القادر على ما يريد بأيسر أمر وأسهله، وهذا الكلام لكل من سمع القرآن في الحث على تدبره معناه، ومقصده ومغزاه، ليعلم أنه في غاية المباينة للشياطين وضلالهم، والملاءمة للمقربين وأحوالهم، لعله خاطب به المعصوم، زيادة في الحث على اتباع الهدى، وتجنب الردى، وليعطف عليه قوله:{وأنذر} أي بهذا القرآن {عشيرتك} أي قبيلتك {الأقربين*} أي الأدنين في النسب، ولا تحاب أحداً، فإن المقصود الأعظم به النذارة لكف الخلائق عما يثمر الهلاك من اتباع الشياطين الذين اجتالوهم عن دينهم بعد أن كانوا حنفاء كلهم، وإنذار الأقربين يفهم الإنذار لغيرهم من باب الأولى، ويكسر من أنفة الأبعد للمواجهة بما يكره، لأنه سلك به مسلك الأقرب، ولقد قام صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذه الآية حق القيام؛ روى البخاري
«عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت صعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر يا بني عدي لبطون - قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل