للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرب جداً من ذلك العذب، سألهم - تنبيهاً لهم على عظيم القدرة - عن الممسك لعدوان أحدهما على آخر، ولعدوان كل من خليجي الملح على ما بينهما لئلا يخرقاه فيتصلا فقال: {وجعل بين البحرين حاجزاً} أي يمنع أحدهما أن يصل إلى الآخر.

ولما كان من المعلوم أنه الله وحده. ليس عند عاقل شك في ذلك، كرر الإنكار في قوله: {أإله مع الله} أي المحيط علماً وقدرة. ولما كان الجواب الحق قطعاً: لا، وكان قد أثبت لهم في الإضراب الأول علماً من حيث الحكم على المجموع، وكان كل منهم يدعي رجحان العقل، وصفاء الفكر، ورسوخ القدم في العلم بما يدعيه العرب، قال: {بل أكثرهم} أي الخلق الذين ينتفعون بهذه المنافع {لا يعلمون*} أي ليس لهم نوع من العلم، بل هم كالبهائم لإعراضهم عن هذا الدليل الواضح.

ولما دلهم بآيات الآفاق، وكانت كلها من أحوال السراء، وكانت بمعرض الغفلة عن الإله، ذكرهم بما في أنفسهم مما يوجبه تغير الأحوال الدالة بمجردها على الإله، ويقتضي لكل عاقل صدق التوجه إليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>